طره بلازا - 180 يوم في السجن
زى النهارده وفى مثل هذه الليله من فجر الجمعه 30 أكتوبر 1998 كان القبض على هذه المره الوحيده التى تعرضت فيها للإعتقال فى قضية شهيره أطلق عليها (تنظيم العمل الطلابى)
مقدمات القضيه
· إستدعاء من أمن الدوله فى مايو 98 ولم تتم المقابله لإنشغال على عوده- ضابط أمن الدوله – ورفضى العوده لمقابلته مره أخرى والإكتفاء بملأ إستمارة التعارف الأمنيه
· مراقبه مكثفه فى مقر العمل من أمن الشركه التى كنت أعمل بها مع رسائل مباشره وغير مباشره بترك الإنتشار والدعوه بين الزملاء وترتيب الأنشطه وثم رفضها أو تجاهلها
· سؤال وتحريات فى مقر العمل والسكن والحى الذى نشأت به
· عام دراسى ساخن ومحتقن بالجامعات المصريه وإستنفار أمنى لوقت نشاط الجامعات للتصدى لحلقة من مسلسل التنازلات الفلسطينيه – العربيه فى مؤتمر واى ريفر
ليلة القبض
يوم الخميس ولقاء مصغر لفريق إشراف جامعة الزقازيق للتباحث فى بعض الأمور الخاصه بالنشاط الدعوى لينتهى الموعد الساعه 11:45 مساء فى منزل والدى وكعاده كل النشطين المعارضين وهو الإستعداد للإعتقال كل ليله ..يعنى زى الوضوء ودعاء النوم لازم الواحد يجهز نفسه نفسيا وبدنيا وماديا للغياب الطويل وعلشان الموضوع ميتطورش لازم تتأكد إن جيبك وحقيبتك ومكتبتك خاليه من أى أوراق أو أى شئ ممكن بسبب مشاكل لك او لحد تعرفه
الطريف إن شباب الجامعه كان عندهم مسيرة يوم الأربعاء السابق وأخذت منهم شريط الفيديو الخاص بها فى الدرس الأسبوعى لمشاهدته ولم أجد وقت فرتبت أن أشاهده على الإفطار بعد فجر الجمعه مع أسرتى الإخوانيه...
لحظات ما قبل الإقتحام
وضوء- صلاة ركعتين والوتروالدخول إلى السرير- وتذكرت أننى ربما أنسى شرائط الفيديو معى بعد ساعات عند صلاة الفجر فقمت وأخرجتها من مكانها الذي خبأتها فيه منذ دقائق ووضعتها مره أخرى فى حقيبتى ووضعتها أمام باب الشقه وعدت للسرير
الساعه 1:15 صباحا وطرق شديد على الباب تخيلته كابوس فى بداية النوم ولحظات وتحول البيت إلى ثكنه عسكريه ضباط ملكى وميري ومخبرين وقوات خاصه ومكافحة شغب وأقنعه وأسلحه
الساعه 3 صباحا وبعد السطو على مكتبة والدى وجهاز الفاكس الخاص به والعبث فى كل الغرف حتى ملابس النساء ؟ يأتيك الطلب اللطيف من الضابط تفضل معنا شويه والسؤال البرئ من الوالدين الباكيين على فين؟؟
لأ متخافيش يا حاجه نص ساعه وهيرجع لك
طبعا انا أخذت معى حقيبة سفر كبيره بها بطانيه ومخده وملابس وتوكلت على الله...
تم تغميتى من أمام باب الشقه ولمدة 30 ساعه حتى العرض على نيابة أمن الدوله بالقاهره يوم السبت صباحا
ذهبوا بى إلى مقر أمن الدوله بالزقازيق وأدخلونى زنزانه لم يكن بها أحد وبدأ بعض الإخوان يتوافدون والكل معصوب العينين وبدأنا نهمس للتعارف مين..؟ السعدنى وبعده الشوادفى وشويه وأيمن عبد الغنى لأ ده الموضوع شكله إشراف الجامعه !!!
ولكن الأمر ميخلاش من إحضار البعض لتخليص حسابات زى المدرسين اللى رافعين قضايا لتحويلهم إداريين أو خطباء المساجد...
وقبيل الفجر تم إستدعائى لمقابلة الضابط فقلت خير يبقى حفلة التعذيب هتبدأ وطالما انا أول واحد وصلت يبقى من العدل البدأ بى؟؟!
ولكن ربنا سلم وسألنى عن شرائط الفيديو بس فقلت له أخذتها أمس من أحد الإخوان في الدرس الأسبوعي
السبت 31 أكتوبر إنطلقت بنا السياره فى إتجاه القاهره فأدركنا أن الموضوع كبير والقضيه رايحه لنيابة أمن الدوله ... وهناك قابلنا إخوان من القاهره والقليوبيه والإسكندريه والجيزه وكنا 33 فى قضيه واحده
وباقى السيناريو محفوظ حيث مذكرة تحريات كاذبه من جهاز فزع الدوله بالإنتماء لجماعه أسست على خلاف القانون و..............................
واستمرت التحقيقات حتى المساء وتم ترحيلنا لسجن مزرعة طره لنبدأ المشوار
دروس وعبر
التسليم المطلق لله
(لتكن راضيا بقضاء الله) فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ...أعلم أن الله على كل شيئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شيئ علما *
وهذا من منطلق قلبى إيمانى ومن منطلق عقلى منطقى أما القلب فيعطيك طمأنينه وسكينه فى مثل هذا الموقف تجعلك تسلم بأن الله قد إختارك للخلوه به ولتهذيب النفس وإستعادة التوازن وسط معترك الحياة &وأما العقل فيقول لك لا تحزن فالحزن لن يغير واقعا ولكن فكر بإيجابيه كيف ستسفيد من وقتك وارمى أحمالك على ربك
الذى يرى مكانك وأعلم بحالك ولا يرضيه ظلم وقع بك
عم حسين
رجل أمى يعمل سائق جاءوا به بطريق الخطأ حيث كان يسكن فى شارع مجاور لأخ اسمه حسين فى الإسكندريه – العصافره وبنته على وش جواز وبيشتغل على ميكروباص قسط وهو عائل أسره من 10 أفراد &لم يكن يصلى وكان يدخن وقد كان محل شك فى البدايه وبعد قليل أصبح محل عطف وحب الجميع فكان من المصلين &وأقلع عن التدخين وكان راضيا رغم أنه لم يكن صاحب قضيه ليضحى من أجلها لكنه أحببنا وأحببناه ولم يفارقنا إلا بعد 135 يوم وكان حريصا علي زيارتنا في النيابة بعد خروجه
إبتلاء دون إبتلاء
حيث شاهدنا من إخواننا من عذب تعذيبا وحشيا مثل الأخ ضياء من دمياط وكان عائدا من ألبانيا حيث يعمل فى الإغاثه (45 يوم تعذيب بلاظوغلى )&مجموعة مشرفى الأشبال بالدقى مع الاخ جمعه إمام خفيف الظل نحيل الجسم (10 أيام بجابر بن حيان)ولم يكن الواحد منهم يستطيع الوقوف إلا بعد مرور أسبوع ومجموعة مشرفى ثانوى بشرق القاهره أحمد صلاح وحسين مختار وعصام وغيرهم الكثير....
وكان الواحد يتعجب أى بشر هذا الذى يعذب بالكهرباء والضرب ولماذا ؟؟؟لكنه العته والتجبر والشذوذ النفسى الذى يتلذذ بإيذاء الناس
لتكن صاحب هدف
ومجتمع الإخوان كأى مجتمع بشرى كل له إهتماماته وعلى قدر همتك ونشاطك وخططك فى حريتك على قدر سعيك لتحقيقها فى محبسك
فهناك تجد الشيخ وجدى غنيم فى خبائه يحضر فتوح العراق لساعات طوال ثم ينطلق للسمر ليلا مع إخوانه
وتجد من الإخوان من يحفظ القرأن أو يراجعه كالداعيه خالد أبو شادى ووصل ببعض الإخوة إلي حفظ نصف جزء في اليوم وتلاوة 17 جزء في اليوم كما شاهدت &منهم من حبب إليه السعى على خدمة الناس مثل أ. أحمد عبد ربه فلا يكل ولا يمل يطهى الطعام ويقص الشعر لإخوانه ويتودد للحزين ويمازح الشباب و.....إلا أنك تجد أيضا من لا خطة او تميز له مما يحزنك
السجن وعدم الاستقرار
تتعلم في السجن حياة التكيف أو إن شئت حياة عدم الاستقرا ر حيث أن سياسة مصلحة السجون قائمة علي اشعارك دوما بذلك في كل تصرفاتها فيوم تسمح بالزيارة ويوما تمنعها وتارة بدخول الاطعمة والملابس والكتب وأخري تجردك من كل شيئ وتحرقه وهكذا وقد صرحوا بأن السجين إذا شعر بالاستقرار بدأ يفكر وهذا أشد الخطر ؟؟؟
لطائف وطرائف
فى لحظات الإعتقال الأولى كنا نبحث عن أحد جنود الحراسه ليحضر لنا بعض الأطعمه الضروريه ولكن أحد الإخوه طلب منه معجون أسنان سينجال تو وفرشاة ومشط شعر؟؟وطبعا لم يستوعب الجندى الطلب وظلت من طرائف الحبسه
إبتكرت بعض الزوجات نوعا من الهدايا كل 15 يوم في الزيارة وهى إحضار باقات الورد التى كنا نعتز بها ونحتفظ بها ونقرض بعضها لبعضنا البعض حتى نهدى أيضا أهلنا الورود وفى إحدى الأيام والإخوه راجعين من الزياره دخل الأول والثانى وهما يحملان باقات الورد&ودخل الثالث وهو يحمل باقه من البصل الأخضر فانفجر الجميع ضاحكا
كنا نلعب الكره الطائره فى ممر ضيق بين الزنازين وما أكثر النظارات الطبيه التى كانت تكسر نتيحة إصطدام الكره بها وقبل الخروج بأسابيع كسر لى 3 نظارات خلال أسبوع تقريبا؟؟؟
فى ملعب الطائره أيضا أحد الشباب(جلى) فاتته الكره فإذا بيده تمثل صفعه قويه على وجه أحد الأخوه المسنين مما أصابه بالحرج والألم وقال (يا أخ ...فلان)القلم ده أنا ما أخدتوش ولا فى محنة 1965؟؟؟
ألطف مظاهره حضرتها كانت بالسجن نظمها محمد محسن من الإسكندريه إعتراضا على ضياع الغسيل لأن الجميع (حوالى 120 فرد)كان يلبس الملابس البيضاء (داخلى وخارجى)مما يتسبب فى إختلاط الملابس؟؟
الشيق هو مظهر المتظاهرين فكل قد تفنن فى الزى والهتاف-واحد علق مشابك فى ودانه&أخر لابس ملابس داخليه بس&مجموعه تحمل مساحيق الغسيل والأطباق كطبول و................المهم السجن إتقلب والإداره إنزعجت وماكنتش فاهمه أى حاجه؟؟؟
الشيخ وجدى غنيم وقبل ما يخرج بإسبوع شاف رؤيه إنه خرج وكانت بالنسبه له يقين فأقسم لضابط السجن إنه خارج قبل العرض القادم لتجديد الإعتقال وكان العرض الإثنين وانتظرنا تحقيق الرؤيه فلم تتحقق حتى أغلق السجن يوم الأحد وإذا به يفتح مره أخرى لإستقبال إيراد جديد(معتقل طازه)وكان يحمل رساله من المحامى للشيخ وجدى بأن النائب العام أصدر قرارا عصرا بالإفراج عنه؟؟!!والإثنين صباحا جاءت ترحيلتان واحده لأخذه للعرض على المحكمه والأخرى لترحيله للإفراج فى الإسكندريه واختلفا كل يريد أن ينفذ الأوامر حتى حسم الأمر وكان الإفراج فما أشبههم بملائكة العذاب والرحمه
كان معنا الشيخ خيري ركوه – رحمه الله – وكانت تربطه بأسامه جادو علاقة عمل دعوي وكان كل عرض أو زيارة يطلب من الاخوة استدعاء الأخ أسامه ليحدثه أو لابلاغه رسالة ولم يحدث وفي ليلة ليلاء اذا بالعنبر يفتح أبوابه الساعة 11 م واذا بضجيج وهتاف وتكبير فكان د الزعفراني وم علي عبد الفتاح وعدد من الاسكنردية معتقلين جدد فسألناهم من معهم وكان منهم أسامه جادو فزففنا البشري للشيخ إن الأمن وفر عليه وجاب له جادو لحد عنده؟؟؟
أطول وألطف سيرة ذاتية كانت لأخي الحبيب م مدحت الحداد حيث الأسلوب الشيق والحياة الطويلة العامرة بالأحداث خاصة شبابه بس اللي يستحمل معاه للآخر لأنها كانت حلقتين كل منها حولي 8 ساعات من 8 م- 4 ص فكان الناس بتتبادل النوم لفترات وتستيقظ للاستكمال
فك الله أسره ورفع عنه البلاء لقد كانت البداية في قضيتنا وما زال المسلس مستمر معه للآن ؟؟؟
عايشت فى فترة السجن عدد من نواب البرلمان الحالى-اغلب ال 88 زار طره بلازا_كان منهم هشام القاضى-عادل الغرباوى-أسامه جادو-محمود عامر
كان معنا امام يؤمنا في الصلاة ولكنه كان كلما زاره أهله يأتي بعد الزيارة فيتلخبط ويسجد سهو في صلاة العصر التالية حتي بات الناس حافظين الموقف وهو ينظر إلينا قائلا : معلش ده فعل الزيارة ؟؟؟
كان معنا أخ فاضل هو احد أشهر الدعاة الخطباء فى محافظته وكان مصرا على أنه غير معروف أمنيا حتى ونحن فى السجن؟؟!!
استفادات شخصية
عمقت فترة السجن الحب بيني وزوجتي وأذابت كل الخلافات التي تصاحب سنوات الزواج الأولي – اعتقال بعد 15 شهر زواج – وكنا نتبادل الرسائل ونتذكر المواقف ونصحح المسار ونعقد الاتفاقات لدرجة كان البعض يغبطنا عليها أو يستنكرها لأننا كنا نأخذ أنا وأبو ساره وقتا في دراسة الرسائل القديمة ثم الرد عليها ووصلنا لأرقام قياسية في عدد الصفحات تصل ل 22 صفحة للرسالة – وطبعا مش هاقول لكم ازاي كنا بنوصلها - وما زلنا نحتفظ بها كذكري للآن
أوصلت الفكرة لأهل زوجتي وعدد من زملاء العمل وزاد الترابط معي رغم تخوفي فكان استقبالهم للخبر وما بعد خروجي أكثر من رائع
عرفتني علي عدد كبير من الاخوة من مختلف المحافظات والأعمار والمشارب والميول وعلمتني كيف أصبر علي مخالطة الجميع رغم صعوبة ذلك لي
أوقفتني مع نفسي وقفات بعمق لتحديد العيوب وتصحيح المسار وكذلك الاستفادات من المناقشات الدعوية المطولة
كسرت كثير من الضوابط والقيود الأمنية علي حركتي والتي كانت غالبا من طرف الإخوة وكثير من الخوف لدي والدي وكشفت عالم جديد عليي ( أيام حلوه الله لا يعودها )
وكان الخروج
بعد 180 يوم وتحديدا في يوم 24 -4 -1999 أخدنا قرار افراج من محكمة العباسية غرفة المشورة بعد استنفاذ فترة 6 شهور بالنيابة وكنا 7 متبقين من القضية
وكما كانت رحلة الذهاب كانت رحلة العودة وخرجت فجر يوم 26 إبريل
فهل كان الأجر والاستفادة –
نرجو ذلك-
تجديد البيعة
أول شيئ عملته بعد فاصل من التضييق في أمن الدولة وسماع لمهازل التعذيب وحوار قصير مع الضابط علي عوده كان الخروج ليلا حوالي 2 ص كعادتهم – فالجبان لا يأتي الا متخفيا ولا يفعل الا متخفيا خشية أن يراه أحد – ذهبت إلي منزل د محمد مرسي لأوقظه من نومه وكان مسئول قسم الطلاب بالشرقية وقتها وأقول له:
تمام يا أفندم كل شيئ علي ما يرام
متي نلتقي ونستأنف العمل؟
فقد عدنا خيرا وأقوي مما ذهبنا
وكان هذا تأثرا بنفس الموقف للدكتور عبد الحميد الغزالي حيث أنهي الحبس 3 سنوات وخرج علي دار الإخوان بالمنيل قبل أن يعود إلي بيته
لا أعاد الله ليل الظالمين
وفك الله أسر المسجونين جميعا
وأراح مصر من شر الفاسدين