ندوة وحفل إفطار في باريس خاصين بالإسلاميين الإصلاحيين في السجون العربية
اللجنة العربية لحقوق الإنسان
ARAB COMMISSION FOR HUMAN RIGHTS
COMMISSION ARABE DES DROITS HUMAINS
ندوة وحفل إفطار في باريس خاصين بالإسلاميين الإصلاحيين في السجون العربية
خصصت اللجنة العربية لحقوق الإنسان حفل إفطارها السنوي لهذا العام للحديث عن ملاحقة واعتقال الإصلاحيين الإسلاميين في العالم العربي وذلك في 10/9/2009 في بيت الجمعيات في الضاحية الباريسية. وكانت اللجنة العربية قد تابعت خلال العامين الماضيين أهم ملفات الاعتقال والملاحقة والحرمان من السفر والمنع من النشر. حضر الندوة أكثر من خمسين مشاركا من فرنسا وأوربية والبلدان العربية وعدة وسائل إعلام وشخصيات مهتمة بالإصلاح الإسلامي وحقوق الإنسان ومسؤولي العديد من المنظمات المدنية والحقوقية وممثلين للاتجاهات الإسلامية والقومية واليسارية والليبرالية. وقد أعدت لهذه المناسبة عدة تقارير وملفات متوفرة بنسخ الكترونية منها تقرير اللجنة العربية لحقوق الإنسان حول محاكمة المعتقلين السياسيين الستة في المغرب وملف بعنوان "رسائل من مملكة الصمت" من السعودية بعضها من داخل سجن الحاير، وتقرير عن الاعتقال التعسفي في مصر وتقرير عن محاكمة معتقلي إعلان دمشق وتقرير عن النواب الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ورسائل دعم للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وزملائه
.
افتتح الدكتور هيثم مناع الندوة بكلمة عن الإصلاح الإسلامي الذي قال بأنه ليس مجرد لاحقة أو كمالية في الإسلام، مؤكدا على مركزية دور المصلحين في الدين والدنيا، والمغزى العميق لخوف النظم التسلطية، وليس فقط القوى الدينية المحافظة، من كل نويات الإصلاح وشخصياته.
وقال في الاعتقال التعسفي أنه الصيغة المخالفة للأعراف والقواعد الدولية لحقوق الإنسان لحرمان الأشخاص من الحرية لأسباب تعود لممارستهم حقا غير قابلٍ للتصرف في القواعد الدنيا للوجود المدني الإنساني في الأزمنة الحديثة. والاعتقال التعسفي بتعبيره السعودي أشهر بل سنوات دون محاكمة، كما هو حال الاثني عشر مصلحا المعتقلين في جدة منذ شباط/فبراير 2007، وبتعبيره المصري، الاعتقال الإداري المتكرر لتقطيع أوصال العلاقة بين الإنسان وعمله ومحيطه وقدرته على المشاركة في الشأن العام، كما أصاب عصام العريان من قبل ويصيب الصديق عبد المنعم أبو الفتوح اليوم، والمحاكمات العسكرية لإرهاب الناس من التعامل من تنظيم محظور. مستعرضا الأوضاع في دول عربية أخرى
وقال مناع في كلمته" تتأسس عالمية الأخلاق على قاعدة التساوي في الذات الاعتبارية والتساوي في مفهوم الشخص وسلامة نفسه وجسده. هي إذن نبذ طوعي للمحاباة، ورفض لمنطق الترهيب والتخويف في العلاقات بين البشرية، وصراع مع العصبية والتعصب ومناهضة للفساد والاستبداد. وبهذا المعنى يجتمع مناضل حقوق الإنسان مع المصلح الإسلامي في جبهة واحدة".
وقد توقف طويلا عند زميله وصديقه الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذي كما قال "أعطى المثل، من خلال الجمع بين النضال السياسي والنضال النقابي والعمل المدني اليومي، بأن الكائن السياسي هو ابن المجتمع الأوسع وليس فقط المجتمع الحزبي، ولهذا كان أنصاره في العمل النقابي من كل الاتجاهات السياسية والثقافية. لم نشعر خلال تجربة عمل نقابية وحقوقية طويلة معه يوما بأنه ابن حزب سياسي، دون أن يكون ذلك على حساب برنامج وتصور سياسي شفاف وواضح". وقال:"نقف بكل إجلال واحترام أمام رواد الإصلاح المعتقلين في المملكة العربية السعودية، الشميري والهاشمي والرشودي وزملائهم المعتقلين منذ عامين ونصف دون محاكمة أو قضاء لأن سبب وجودهم الوحيد هو الدفاع عن حرية الآخرين. وأخيرا وليس آخرا، نطالب كل المدافعين عن حقوق الإنسان بتحويل قضية المعتقلين السياسيين الستة في المغرب، إلى قضيتهم، باعتبارهم ضحايا آلة جهنمية لتحطيم قواعد العمل السياسي الطبيعية في المجتمع عبر عقوبات قاسية. لعل من المفيد استعادة صيحة مصطفى المعتصم أمام القاضي: "نحن سيدي القاضي أمام مؤامرة يقودها أوفقيريون جدد أو فوضويون جدد ضد أبناء الحركة الإسلامية فهم لايرون الإسلامي إلا مقتولا، مفجرا نفسه، أو مسجونا. هم لا يعتبروننا شركاء في المواطنة
بدأت الدكتورة فيوليت داغر كلمتها بالحديث عن من لم يتمكن من الحضور لأسباب التأشيرة أو المنع من السفر ووجهت التحية للسيدة سكينة قادة منسقة عائلات المعتقلين السياسيين الستة بالمغرب التي لم تمنح تأشيرة لدخول فرنسا.
وأشارت إلى المعتقلين وهم الاستاذ محمد المرواني أمين عام حزب الأمة، والاستاذ مصطفى المعتصم أمين عام حزب البديل الحضاري، والدكتور محمد الأمين الركالة الناطق الرسمي له الذين حكموا ب25 سنة سجن، والدكتور العبادلة ماء العينين القيادي في حزب العدالة والتنمية، والأستاذ عبد الحفيظ السريتي مراسل قناة المنار الذان حكما ب20 سنة سجن والأستاذ حميد النجيبي العضو بالحزب الإشتراكي الموحد الذي حكم بسنتين سجن. والتهم التي ادينوا "المس بسلامة أمن الدولة الداخلي وتكوين عصابة إجرامية والمس الخطير بالنظام العام بالترهيب والعنف والقتل مع سبق الإصرار والترصد وتزوير وثائق رسمية وانتحال هوية وتقديم وجمع أموال وممتلكات وقيم منقولة بنية استغلالها في تنفيذ مشاريع إرهابية وتبيض الأموال" . قائلة بقوة وهي التي تابعت كمراقبة قضائية أكثر من خمسة عشر جلسة:"اؤكد لكم أنه على مدار سنة ونصف من الجلسات لم تثبت المحكمة أية تهمة ضد ال35 معتقل بمن فيهم السيد عبد القادر بلعيرج، المتهم الرئيسي في القضية والذي أوقف البعض بتهمة علاقتهم به.
ثم بعد انتهاء كلمتها قامت الدكتورة داغر بقراءة كلمة وصلت من سجن سلا أرسلها الأستاذ محمد المرواني للندوة مما جاء فيها:
"إنكم بتنظيمكم لهذا النشاط، وفي هذه الظرفية الخاصة التي تجتازها الحقوق والحريات في وطننا العربي، لتختزنون ثلاث قيم اصيلة:
الأولى، قيمة الانتصار للحق والقانون مقابل خرق القانون وانتهاك الحقوق والحريات. وكما يقول مونتسكيو: الاستبداد هو خرق القانون، إذ حين يخرق القانون تتعرض الحقوق والحريات للانتهاك وهذا هو جوهر الاستبداد والمستبدين.
الثانية، قيمة الوفاء لسجناء الرأي والسياسة. وتعلمون أن استراتيجية الاستبداد كانت دوما هي استراتيجية النسيان واغتيال الذاكرة.
الثالثة، هي قيمة التضامن، وبوحدتنا وتضامننا ننتزع الحقوق ونحمي الحريات. أما المستبدون فهم يراهنون على تفرقنا وتنازعنا وعلى تكريس منطق الخلاص الفردي.."
وقد كثف المعتقل خلاصاته واستنتاجاته من تجربة الاعتقال والمحاكمة بالقول:
إن الخلفيات التي تحكمت في إعداد وإنتاج وإخراج هذا الملف كانت خلفيات سياسية-أمنية. فهناك مرحلة سياسية دقيقة يجتازها المغرب تتميز بانسداد الآفاق السياسية وخاصة بعد المقاطعة الشعبية الواسعة لانتخابات 07 شتنبر 2007. وهو ما التقطه مهندسو الاعاقة الديمقراطية، فهم يعرفون أن الطبيعة تكره الفراغ، ولكنهم بدل أن يقدموا حلولا سياسية واقتصادية واجتماعية وجدوا ضالتهم في هذا التصريف الأمني لتأجيل دفع مستحقات الإصلاح الديمقراطي. والهدف الثاني منع قوى سياسية أصيلة من حقها في العمل السياسي ضمن ترتيب إعادة هيكلة المشهد السياسي المغربي بما يسهم في إعادة إنتاج وتأبيد الهيمنة السياسية على المجال العام من قبل القوى المتنفذة.
إن مهندسي الإعاقة الديمقراطية بالمغرب كانوا حريصين على ضبط الإيقاع السياسي بعد تلك المقاطعة الشعبية الواسعة لانتخابات 07 شتنبر 2007 لأنهم يريدون ضمان استمرار موازين القوى السائدة وذلك للحيلولة دون دفع مستحقات ديمقراطية وحقوقية.
وهكذا كانت البداية بعرقلة تأسيس حزب الأمة وإحالة ملفه على القضاء الإداري بهدف إبطاله وانتهى الأمر إلى اعتقالي مع بقية المعتقلين السياسيين الآخرين تحت عنوان "قضية بليرج".
إن هذا الاعتقال على قصة تحول تأسيس حزب سياسي إلى "دراما إرهابية" !!.. من صنع أولئك الذين لا يريدون للمغرب أن ينتقل ديمقراطيا.. لأن الانتقال الديمقراطي بالنسبة لهم يعني نهاية هيمنتهم واستبدادهم ونهاية نفوذهم
وفي كلمته قال الدكتور أحمد عبد العاطي أن دعوة الإخوان المسلمين منذ بدايتها جاءت بالإصلاح الإسلامي الشامل الوسطي الصحيح وكان مؤسسها البنا يعلم تبعة ما دعا إليه من إصلاح وأخبر أتباعه بضريبة الإصلاح ودفع هو نفسه روحه ثمنا لذلك. بينما قدم الإخوان عبر تاريخهم مئات الشهداء وآلاف المعتقلين في سبيل تحرر الأوطان من كل سلطان أجنبي وتخليصها من فساد الحكام والديكتاتوريات القائمة
ورسم عبد العاطي المشهد الحقوقي في مصر خلال العشرين عاما الأخيرة والتي كان حصادها أكثر من ثلاثين ألف معتقل من الإخوان وحدهم وسبع محاكمات عسكرية طالت أكثر من مائتين من قياداتهم في أحكام جائرة تراوحت بين 3-10 سنوات غير المصادرات والمنع من السفر والتحويل لوظائف إدارية ومحاربة الناس في أرزاقهم
وحول اعتقال د.عبد المنعم أبو الفتوح ورفقائه أخيرا قال متعجبا كيف لنظام يحترم نفسه أن يعتقل رموز العمل الإنساني الإغاثي الذي تفتخر به أي بلد أن يكون من أبنائها من يقوم بذلك الجهد المشرف
وشدد علي أن قضية الإخوان الأخيرة عنوانها الأساسي( ضريبة دعم غزة) وما قام به اتحاد الأطباء العرب ولجنة الإغاثة الانسانية بنقابة الأطباء من دور هام في دعم أهل غزة وتنسيق الجهود دوليا مع مؤسسات المجتمع المدني ونشطائه
وأخيرا شدد عبد العاطي علي أن مبادرة الإخوان للإصلاح وعدم تقديم تنازلات حول المبادئ والانحياز لمصلحة الشعب هو نهج الإخوان الذي لن يتخلوا عنه مهما كان الثمن
واختتم د.أحمد عبد العاطي كلامه بارسال تحية إكبار لكل سجناء الرأي وبشرهم بأن الفرج قريب
وفي مداخلته قال الدكتور منصف المرزوقي أن كل الإصلاحيين العرب سواء كانوا إسلاميين أم علمانيين مطالبين بالردّ على سؤال واحد هل نحن أمام أنظمة قابلة للإصلاح بمعنى القبول به كحل للصلح والمصالحة مع الشعوب والنخب وبمعنى أنها قادرة عليه، أم أننا أمام أنظمة لا تصلح ولا تصلح. وبتفحص الستراتجيات التي تعتمدها كل الأنظمة العربية وهي الاستئصال بالعنف الفجّ لكل قوى المعارضة وخاصة الإسلامية، والاحتواء عبر السماح لها دخول برلمانات لا حول لها ولا قوة، ودفع الشعوب للالتجاء لتدين معزول عن السياسة، وأمام تغوّل الفساد والتوريث والعمالة لخارج أصبح سندها الوحيد، يخلص المرزوقي للقول أن الاستبداد يدفع مجتمعاتنا بالقهر نحو خيار المقاومة المسلحة الذي يجب رفضه لأنه الرد الذي تبحث عنه أنظمة تطويع المجتمع لتواصل البقاء بحجة مقاومة الإرهاب، وخيار المقاومة المدنية وهدفه الإطاحة بالنظام الاستبدادي العربي وهو الشرط الأول للدخول في إصلاح حقيقي ومستديم. وتساءل المرزوقي هل عجز الأنظمة وعدم رغبتها في الإصلاح وتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية فوّت علينا حتى فرصة المقاومة السلمية واننا للأسف مقدمون على حروب أهلية مثل التي تعصف باليمن؟ ودعا للتمسك بخيار المقاومة السلمية إلى الآخر.
أشار الصحفي والكاتب الجزائري أنور مالك في مداخلة قصيرة إلى الأنموذج الجزائري مذكرا بأن العديد من مظاهر التسعينيات ما زال مستمرا بصيغ أخرى معطيا عدة أمثلة. وقد كان النقاش غنيا ومثمرا وشاركت فيه الدكتورة حياة الحويك والصحفية المصرية نور الهدى زكي والدكتور وائل حافظ.
بعد الإفطار جرت مشاورات بين عدة منظمات حقوقية عن وسائل متابعة الحملات الحقوقية للدفاع عن المعتقلين بشكل أكثر تكثيفا من ذي قبل. وضرورة التفاعل والتعاون بشكل أكبر بين مختلف التيارات الإصلاحية والحركة العربية لحقوق الإنسان.
C.A. DROITS HUMAINS
5 Rue Gambetta - 92240 Malakoff - France
Phone: (33-1) 4092-1588 * Fax: (33-1) 4654-1913
E. mail achr@noos.fr www.achr.nu www.achr.eu
0 comments:
إرسال تعليق