ذكرياتي مع العمل الطلابي 2
الاستقبال في الجامعة
في هذه الفترة (88- 93) من عمر العمل الطلابي بالجامعة – وأظنه هكذا للآن – كانت الفئة الوحيدة ذات العمل المنهجي المنظم والمستمر هي طلاب الإخوان المسلمين وهذا لا يمنع من ظهور فئة من الطلاب منظمي الأنشطة خاصة الرحلات تحت مسميات أسر نشاط تتواجد في أنشطة الاستقبال وتنظم رحلة أو أكثر في العام ثم تختفي الأسرة بانشغال أفرادها أو تخرجهم وهذا لا يعني أن أغلبهم كان سيئا في نشاطه أو سلوكه ولكن مؤشرا أن كلهم كان وقتيا وسطحيا في أهدافه وتخطيطه
ولم يكن معروفا لدي غالبية الطلاب هذا الانتماء الإخواني للطلاب ولكنهم كانوا معروفين بطلاب الاتجاه أو التيار الإسلامي أو الجماعة الإسلامية أو منسوبين لأسماء أسر النشاط التي يعملون من خلالها مثل :
طلاب جابر بن حيان في كلية الصيدلة
طلاب ابن سيناء في كلية العلوم
طلاب أسرة الفجر في كلية الطب أو النور في هندسة أو الضياء في تجارة أو الفجر الجديد في تربية وهكذا......
أنشطة الاستقبالكان الاستقبال في كليتنا دائما ضعيفا لقلة عدد الطلاب عموما والإخوان خصوصا – متوسط عدد الدفعة 110 طالب – ولانشغال الطلاب بالمحاضرات والمعامل من أول يوم ولأن الطلاب الجدد يدرسون بكلية العلوم المجاورة؟
ولكن هذا لا يمنع من تنظيم حفل استقبال سنوي بالكلية بالتنسيق مع الإدارة أو أحد الدكاترة المحاضرين كجزء من وقت محاضرته وان كان الاستقبال في كليات أخري يأخذ شكلا مبهرا وجذابا لعموم الطلاب
فمن مظاهر وأنشطة الاستقبال مثلا:
Ø رفع الزينات والأعلام واللوحات الإرشادية بالساحات والمدرجات والمسجد
Ø تعليق لا فتات الترحيب والتهاني بالعام الجديد للطلاب والأساتذة
Ø توزيع دليل للطلاب الجدد يشرح الكلية وخريطتها الدراسية والجغرافية ويعرف بهيكلها الإداري ويدعو الطالب للمشاركة في الأنشطة والكيانات الموجودة
Ø الحفلات والمسابقات الفورية بالمدرجات والساحات
Ø معارض السلع والخدمات التي توفر للطلاب الجدد ما يحتاجونه مثل ( الأدوات الهندسية لطلاب الهندسة – الأدوات والمعدات المعملية لطلاب الطب والكليات العملية – الأدوات الدراسية - ......
Ø الزى الموحد للمستقبلين من الطلاب والطالبات بالأوشحة وكروت التعريف
Ø مخيمات الجوالة للخدمة العامة والتنظيف والتشجير
Ø قوافل المهنئين بالورود والكروت حيث تخرج فرق عمل لتهنئة الأساتذة والطلاب كل في مكتبه أو قاعته
Ø لافتات وحفلات التهنئة لمن ترقي من أعضاء هيئة التدريس
ومما لا شك فيه في ظل توفر التقنيات الالكترونية الحديثة كان الاستقبال يمكن أن يأخذ شكلا أفضل مع وجود رسائل البريد الالكتروني emails & والرسائل النصية والمصورة علي الجوال SMS-MMS & وكذلك استخدام أجهزة العرض الالكترونية DATA SHOW & مع وجود سهولة ويسر وإبهار في إخراج المنتجات وخاصة المطبوعات فالآن اختفي عهد الكتابة بالريشة والفرشاة والبويات والقلم المار كر وأصبح الكمبيوتر والطباعة الديجتال والتصوير بالهاتف والكاميرات الدقيقة والخلفيات البلاستيكية المطبوعة بكافة الأشكال والمقاسات ROLL UP – DRAW BACK.
Ø الاستقبال المبكر: وأعني به التعرف علي الطلاب قبل بدأ العام الجديد من خلال استقبالهم بمكتب التنسيق والاتفاق معهم علي:
· اصطحابهم في جولة تفقدية بالكلية التي يحلمون بالتواجد السريع بها لتعريفهم الأماكن وشرح طبيعة الدراسة لهم & ومما يحضرني هنا جولة قمنا بها ونحن في السنة الثانية ثم اختتمناها بمسجد كلية العلوم بصلاة الظهر ثم جلسنا نتلوا القرآن ولم تكن الدراسة بدأت بعد لذا كان وجودنا كطلاب ملفتا & واقترب منا أحد المصلين المرموقين في مظهره وسكونه وطلب التعرف إلي علي جانب وبعد أن تم ربت علي كتفي وودعني داعيا لنا ولم نكن نعرفه ولا يعرفنا & ثم اكتشفت بعد عام أو أكثر أنه أ .د ممدوح الديري رحمه الله – الأستاذ بكلية العلوم وأحد أعضاء مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان-
· أخذ عنوان الطالب وإرسال كروت تهنئة بالنجاح له علي المنزل & ونرحب به زميلا جديدا بالكلية ونخبره أننا بانتظاره ليلحق بأسرة النشاط ويساهم في الأنشطة الجادة لمصلحة كليته وكم كان لها أكبر الأثر عند البعض أن يسمع عنا قبل أن يرانا وكنا نلحظ أن بعض الطلاب يأتي للبحث عنا إما لبطاقة تهنئة وصلته منا أو لأن أحد أبناء بلدته أو عائلته أوصاه بنا
المقرأة اليومية: وهي حلقة لتلاوة القرآن كنا نعقدها يوميا بعد صلاة الظهر بالمسجد وندعو كل من نتعرف عليه لها وكان حصادها مع الطلاب الجدد هائلا وكثيرا ما كان يضيق المسجد بالحلقات خاصة مع ضيق المسجد وتوالي الجماعات عليه
الشاهد فيما سبق أن حسن الاستعداد والاستقبال للزملاء القدامى والجدد والأساتذة يضفي روحا من البهجة والألفة ويمهد الساحة لعرض الأفكار والأطروحات في جو من الهدوء قليلا قد لا يتوفر خلال العام الدراسي في ظل تسارع الأنشطة والأحداث المثيرة وجو التضييق والإنفعال الذي تفرضه الإدارات والأمن لتقويض النشاط
لذا ينصح بالتزام الهدوء والاجتماعية والبعد عن البدايات الساخنة أو السياسية التي تعكر صفو الاستقبال وتعيق حسن التعرف المتبادل علي الزملاء .
فؤائد نشاط الاستقبال:
1. فرصة مبكرة لتنشيط كل المواهب والطاقات واكتشاف الجديد منها فيكون الجميع بمثابة خلية نحل تعمل في تناسق وتفاهم وجدية من أجل تحقيق أهداف البعض يستوعبها كاملة والبعض يستوعبها جزئيا والقليل من يعمل والنشاط كنشاط فقط هو همه الأول
2. التعرف علي عدد كبير من الطلاب الجدد وإحياء العلاقات مع القدامى منهم
3. ترك انطباع أولي عن أسرة النشاط وتواجدها وأهدافها لدي العامة ( الانطباعات الأولي تدوم)
4. بداية ساخنة ومكثفة لتوسيع دوائر الانتشار الطلابي أو ما يسمي بالربط العام أو التواصل الاجتماعي
5. خطوة نحو انتقاء أفراد والتدرج بهم تربويا ومناقشتهم في القناعة بالعمل الإسلامي عموما والاخواني خصوصا
6. فرصة للاحتكاك بالإدارة الجامعية واستقراء التوجهات الإدارية والأمنية مبكرا فمثلا:
· لو منحت موافقات علي المعارض والخدمات وتم استقبال المهنئين بشكل جيد تكون بشارات خير وهدوء لعام فيه تفاهم وانسجام
· أما لو بدأت مؤشرا ت الرفض والمنع وأحيانا الاستدعاء والإنذارات وربما الاعتقالات فيكون الوجه الآخر والذي أصبح الآن هو السائد
· ولو كان السلوك إداري هادئ وأمني عاصف يكون المتوقع هو السماح بالأنشطة الرسمية الموافق عليها للأسر والاتحادات ومنع للأنشطة الجماهيرية
ولأننا كطلاب إخوان أصحاب رصيد وتجربة وتوارث أجيال تولدت لدينا مرونة للتعامل مع الواقع لتحقيق أهداف كبري دون الالتفات إلي ملهيات المعوقات والعراقيل الموضوعة وبالتأكيد الإخوة الأكبر سنا في السنوات النهائية هم ضابط الحركة للمتحمسين من الجدد
أرادوني شيوعيا.... فكنت إسلاميا
لماذا طلاب الإخوان؟
سؤال كثيرا ما تبادر لي في مراحل عمري المختلفة منذ تعرفت علي دعوة الإخوان في بداية حياتي الجامعية؟ وللآن
ما الذي يدفع شابا في مقتبل عمره للإلتزام بعمل تحفه المخاطر؟
وما الذي سيجنيه من الانتساب لجماعة مضيق عليها وتحاربها الدولة بكل السبل؟
أوليس هناك غير هذا الطريق لتحقيق الذات وإشباع الطموح وتفريغ الطاقات؟
مدخل طريف للإجابة من مرحلة الصبا:
كنت في الصف الأول الإعدادي عام 1982 وتركني والداي لسفرهما لرحلة عمل بالسعودية وكنت أعيش وأختي مع جدتنا رحمها الله وتعرف علي شاب من الجيران في منتصف العشرينات من العمر وكان سيئ الخلق وذو سطوة في الحي وطلب مني أن أصطحبه لزيارة رجل في بيته لأنه فقد شيئ ويريد ولد مهذب يصلي يسأله بعض الأسئلة ليخبره أين يجد ما فقده؟؟ وللحق فقد ذهبت معه لأنه فاجأني وحرجا لأنه كان خال صديق لي – رغم عدم قناعتي به وتساؤلي لما لم يأخذ ابن أخته وهو في سني تقريبا؟ - ولما لحقنا وجدنا الرجل مشغول ولم يسمح لنا بالدخول فعدنا علي أن نذهب بعد ساعات. فحمدت الله أن نجاني من شر كنت أتوقعه وأستشعره لفقدان الثقة فيمن اصطحبني وسارعت إلي النوم وأخبرت جدتي بألا توقظني أبدا وظللت فترة أتهرب من هذا الشاب الذي يلاحقني & حتي علمت بعد فترة أنه اعتقل وحكم عليه بالسجن ضمن تنظيم للشيوعيين؟؟؟؟
وظل هذا الموقف في خلدي لم أخرجه لأحد .
الحقيقة أنني وجدت نفسي محبا ومنطلقا بقوة نحو هؤلاء الطلاب كما لم يحدث من قبل مع أحد من الزملاء والأصدقاء الذين عرفتهم طوال مراحل التعليم ربما كان ذلك لما لعدة أسبا ب منها ما يتعلق بي ومنها ما يتعلق بهم .
أما من ناحيتي:
1. أنني كنت محبا لجدي لأمي الذي مات وعمري عشر سنوات عام 1980 وكان ارتباطي به عميقا وكان قد ابتلي بالسجن من 1954-1971 في ركاب دعوة الإخوان وخرج به ما به من أمراض و.... نحتسبه عند الله وكنت كثيرا ما أصلي معه خاصة الفجر ونذهب لشراء الجريدة والإفطار ونتناول الإفطار سويا ويلاعبني كثيرا وهذا حببني فيه وأشفقت عليه وزرع في تحدي خفي لهذا الظلم الذي ألم به
2. أن أحد أقربائي في الإسكندرية وهو يكبرني وقد انتمي لهذه الدعوة المباركة وكان محبوبا في العائلة ولا يزال هو أحب الناس لي من العائلة وكان دائما ما يصطحبني معه كلما زرناهم كل عام لأصلي معه أو ألعب الكرة أو أخرج معه وإخوان المسجد في نزهه وذات مرة في صيف 1985 ذهبنا لرحلة إلي شاطئ العجمي وأجريت مسابقة فورية وكان أكثر المتفوقين فيها هو شبل صغير غزير المعلومات وكنت علي أعتاب الثانوي وليس لدي ما عنده من معلومات قيمة فهزني هذا الموقف وأشعرني بالنقص وولد في رغبة لأن أكون واحدا من هؤلاء الملتزمين المثقفين المتحابين
3. روح الالتزام الإسلامي وبعض الأنشطة التي كان ينقلها إلينا زملاء الدراسة في ثانوي من أنشطة المسجد مثل الأناشيد والكتيبات وشرائط الكاسيت ورغم أنها لم تكن واضحة الفكر والهوية ولكنها كانت ذات أثر عام في النفس
ومن ناحية الإخوة والمناخ العام للعمل :
1. وضوح الهوية الإسلامية وهي روح الفطرة والمحركة لمكنونات النفس البشرية بغض النظر عن درجة التزامها
2. شمولية الممارسة التي تراها في تنوع الأنشطة وتعدد المجالات التي يتواجد بها هؤلاء
3. استشعارك للتجرد للفكرة من قبل هؤلاء الشبان وأن المصلحة العامة هي التي تحركهم وليست المنظرة ولا المكتسبات الشخصية
4. روح الحماسة والمعارضة وعدم الاستسلام لواقع تحاول الأنظمة أن تفرضه عليهم والتحدي هو سمة الشباب
5. أن التيار الإسلامي كان الأوسع والأكثر انتشارا وتأثيرا في الشارع والمؤسسات ودائما الإنسان يحب الانتماء للأقوي
وإلي حلقة قادمة وحديث حول الدعوة الفردية
أهدافها و مراحلها ومشكلاتها و.....
الدعاء والنصح والتواصل عهد بيننا